ها أنت أيها الوقت
ها أنت أيها الوقت بقلم adonees ... بيروت يكتمل انهيارها. والحداثة يكتمل ابتذالها، فلقد "عَمّتْ حتى خَمّتْ" : أُفرغت من محتواها، بفعل الكتابات التي تحدَّثتْ عنها، أو تفيَّأتْها، بجهلٍ كاملٍ على جميع المستويات، فأصبحت كمثل سابقاتها _ "الثورة"، "الاشتراكية"، "الوحدة"، "الإشعاع".. إلخ..، مفهوماً خاوياً، ومضحكاً. هكذا يتحول مختبر التغيرات إلى مستنقع، والماء الحي يتراجع ويتوارى. وتبدو بيروت الآن كمثل الحداثة: جسماً يُسلخ جلده. وهناك ما يهدد طاقتنا نفسها على مواصلة الكلام: فنحن نجابه وضعاً يلتحف بظلماته الخاصّة، ويدفنُ الجميع وراءها. وهذه اللغة العربيّة التي توصف بأنها إلهية، إنما هي لغة لا حظّ لها في الواقع _على أرضها، شأن بقية اللغات "غير الإلهية"_ فهي لغةٌ تًحاصَرُ وتُقمعُ وتُنفَى، من كلِّ صوبٍ، بحيث إنّها تكاد أن تختنق، بل إنّها تُحْتَضَرُ في حناجرنا. " ألا تلاقي أية سلعة مادية، أياً كانت، ترحاباً وحفاوةً في جميع البلدان الناطقة بهذه اللغة الإلهيّة، أكثر ما تلاقي أية مجموعة شعريّة؟".