الفارض
الفارض بقلم محمد سامي البوهي ... فاللقاء عشق وإن لم تلتق بعد بمن فارقك، فاستعد دائمًا للقائه، وإن ظننت أن التلاقي مستحيلٌ، فاستلهم روح من أحببت، وتحدث معه، وأخبره عن كل شيء، سيسمعك، أما جوابه فسيأتيك من داخلك، فما رحل أحدٌ عنك بل أنت من رحلت بنسيانه، وإن نسيته فالنسيان رحمة وحياة أخرى تبدأ بها حكاية جديدة تعيش فيها كحبة خردل انتظمت داخل عبث الدنيا، فلا تحزن لفراقٍ كُتب لك، واشرب من كأس العشق وزِدْ منه حتى ثمالة الوجد، فإن بحثت عن ضالتك بقلبك فستعثر عليها حرفًا في حضرة صلاة، أو ابتسامة على فم طفل رأى عصفورًا رفرف بجناحيه، وطار إلى السماء، فلا شيء يختفي من هذا العالم بل تتوازى الخطوط فإن تقاطعت التقت، وإن التقت القلوب أحبت، ومع كل حب يولد عارف جديد ينشر في الدنيا ذكر ونغم، وموسيقى وصلاة، ومع كل اسم جنود يحملونه، فتتجلى الأسماء كلها في القلوب لتضيء عتمة الكون، حينما يختفي القمر، ويصعد المحبون يزينون السماء فيظن من أصاب فؤاده سواد أن ملائكة هبطت لتُنير له الطريق إلى الجنة، ولكل حرف خادم يملأ الدنيا دعاءً وحياة، ففي الواو وصلٌ به يصلُ الواصلُ صِلاته بصلاةٍ وأوصالٍ، وقلب خاشعٍ في ليلٍ وآصال، وفي الألف إيلاف به تألفُ، فتتآلف قلوب المحبين، فإيلافهم ألفة يؤلف بها كل مشتاق، وفي النون نغمٌ من السماء عليه نرقص، وندور، ندور، ندور، ثم نذوب ونفنى في الله، فكل المحبين ينتظرونك هناك خلف الباب، فطِب روحًا ليُفتح لك، وتلحق بهم.