مقام الريح
مقام الريح بقلم سمر يزبك ... جرَّد ورقةٍ صغيرةٍ، تمنعه رموشُه المتشابكة من رؤيتها تحت شمس الظهيرة! ورقة شجرٍ ليس إلَّا! مُفصَّصةٌ وخضراءُ، تظهر كستارةٍ أمام عَيْنَيْه حين يحرِّك جفنَيْه ببطءٍ وصعوبةٍ. ورقة شجرٍ تمسُّ رموشه الطويلة الملطَّخة بالطين! ورقةٌ تمنعه من رؤيتها بوضوحٍ حبيباتُ ترابٍ ناعمةٌ، تسبح في ماء عَيْنَيْه، تحكُّهُ وتَحرِقُهُ. لو أعاد تحريك جفنَيْه وفَتْحَهُما، لسقطت الورقة في عينه اليسرى. العالَم كلُّه هو تلك الورقة. لا صوت، لا رائحة. لا يشعر بعينه الأخرى. ألا يزال حَيَّاً؟ ربَّما! ألديه جسدٌ؟ وأين جسده، إذنْ؟ شعوره بوجوده لا يتجاوز المساحة الضيِّقة من الضوء الخافت المحجوب بخطوطٍ سوداء، لا يهمُّ إن كانت تلك رموشه أم كوابيسه، فالعَتَمَة سرعان ما تحلُّ ثانيةً في داخله. يتهاوى ببطءٍ في مكانٍ عميقٍ ومجهولٍ. تنعدم جاذبيَّته، ويحسُّ بتأرجحِ رأسه، ربَّما هو مَنْ يتهاوى في قبرٍ؟ أهذه جنازته؟ أهذا رأسه هو؟