نزهة عائلية

(0)
(0)
تقييم الكتاب
4.0/5
1
نبذة عن الكتاب

نزهة عائلية بقلم بسام شمس الدين ... كان مأمون الجزار أمام حانوته حين شاهد حسّون، نقيب آل شهوان، يطلق النار على أرحب، نقيب آل طعيم، فيُرديه. يلجأ إليه فتى مرتعبٌ فيؤويه ويحول دون قتله، وهو لا يدري أنه هزّام ابن المغدور. مأمون من فئة البَيَع التي لا موقع لها بين القبائل، يجد نفسه متورطاً في صراعات قبلية من دون أن يكون لديه من يحميه. يقرّر تسليم نفسه إلى آل شهوان ظناً منه بأنهم سيرأفون بحاله، لكنهم احتجزوه سنوات وأذاقوه أصناف العذاب قبل أن يطلقوا سراحه. عاد إلى منزله ليجده خراباً، وليجد أنّ هزّام أصبح صلب العود وقرّر الانتقام لمقتل والده. ومَن غير مأمون أدرى بمواطن آل شهوان وبالشعاب التي تقود إلى جبالهم العصية وخصوصاً بوجوه القتلة؟ فازت هذه الرواية بمنحة آفاق ضمن برنامج "آفاق لكتابة الرواية"، الدورة الثانية، بإشراف الروائي جبّور الدويهي

نبذة عن الكاتب

بسام شمس الدين بسام شمس الدين

كاتب وروائي يمني.
صدر له عن دار الساقي: "نزهة عائلية".

أعمال أخرى للكاتب

مراجعات كتاب : نزهة عائلية

بسام شمس الدين

4 out of 5 stars

نزهة عائلة إلى المدينة تتحول إلى مجزرة يتجاوز العرف في حضوره وسطوته ما يمتلكه القانون من شرعيّة، إذ يحيل إلى بنية من العلاقات مختلفة عن تلك التي تطرحها الدولة أو أي تنظيم اجتماعيّ آخر، فالعرف المرتبط بالعشيرة يمثل عاملاً يحدد طبيعة المجتمع والأدوار الاجتماعيّة وعلاقات القوة بوصفه يتغلغل في حياة الأفراد سواء ضمن الفضاء العام أو الخاص، بل إن بعض الأعراف لا تندثر إلا برحيل من يؤمنون بها. السبت 2017/07/08 ShareWhatsAppTwitterFacebook الثأر طريق للفناء فجأة يجد مأمون نفسه وسط عملية اغتيال قبليّة، الجزّار الذي ورث مهنة آبائه بذبح الثيران وبيع لحمها يتورط في حرب قبلية تمتد لعدة أجيال يعيش فيها الأمرّين، هذا الصراع القبليّ وتاريخه نقرأهما في رواية “نزهة عائليّة” للكاتب اليمني بسّام شمس الدين الصادرة هذا العام عن دار الساقي بالتعاون مع مختبر آفاق لكتابة الرواية، والتي نكتشف في الصفحات الأخيرة منها المفارقة التي يحملها العنوان مع مضمون الرواية، في إشارة مبطنة ساخرة بعمق إلى ما يمكن أن تتسبب فيه الأعراف القبليّة. ينتمي مأمون إلى طبقة البَيَع، وهي فئة مهانة من العاملين في الحوانيت، وإثر إنقاذه للطفل هزّام، يصبح مطلوباً لمن اغتالوا والده نقيب آل طعيم في السوق أمام أنظار الجميع، بعد إصرار زوجته زعفران يترك مأمون داره ويسلم نفسه لآل شهوان طالباً الصفح عما فعله، وفي الطريق إليهم يلتقي حافظة الأعراف، فتدله على طريق النجاة مع أفواج النساء الهاربات من الحرب التي اشتعلت بين القبيلتين والتي لم تنفع المحاولات المختلفة لإيقافها. يعتقل مأمون ويبقى أسير آل شهوان يخوض معهم الجبال ذليلاً مهاناً، وما إن تتوقف الحرب وتعن الهدنة حتى يعود ليسكن لاجئاً بحماية آل طعيم ليبدأ حياة جديدة هناك في مجتمع يراه غريباً في أسفل الهرم الاجتماعي. يكتشف مأمون أن لا فكاك من الأعراف، فالجميع محكومون بها منذ ولادتهم، وأجسادهم مستلبة لها، كهزّام الذي ترسله والدته إلى التمرين في سبيل الانتقام لوالده حين يشتد عوده، وكأننا أمام بنية مفاهيميّة وشعريّة أحياناً، ليست بمتناول الجميع، بل لها العارفات بها وحافظاتها، ولا يجوز اختراقها وتجب إطاعة القائمين عليها، فمأمون يبقى حبيس طبقته الدنيا، بالرغم مما قدمه للعائلة وتعيينه وكيل عقاراتها من قبل زوجة النقيب المقتول، بل حتى حياته في المدينة وتعلمه للقراءة والكتابة، ما سبق لا يغير شيئا، إذ يحاول بشتى الطرق أن يرتقي في الهرم الاجتماعي، يكسر بعض الأعراف ويسعى لبناء مستشفى ومدرسة ويقف بوجه الخرافات الشعبيّة. مع ذلك يُقرر نفيه لأسباب تبدو تافهة كاختراقه لساحة اجتماع قادة القبائل، ومشاركته هزّام في محاولته الثأر وقتل أخوي قاتل أبيه وتشويه وجه القاتل لا تفيده بشيء، إذ يبقى مأمون الجزار، وحين انضم ولده جابر إلى الشرطة ينال بعض الحظوة، إلا أن مصيره ما زال محكوماً برؤيا عرّافة تتحكم بمصيره وأسرته. رواية يمنية عن الأعراف القبلية وأسئلة الدولة والقبيلة والتوحش تعرض الرواية المحاولات الفاشلة للفكاك من الأعراف وسطوتها، فمأمون يحاول الانتحار ويفشل، أما ابنه جابر فيترك القرية ليعمل في العاصمة جاعلاً من القانون والدولة أسرته الجديدة، ومنصاعاً كلياً إلى سيادتها، في حين أن ابن هزّام يفرّ من سطوة أهله ويتحوّل إلى صعلوك يختبئ في منازل الفقراء. وعلى النقيض من ذلك نرى إصرار زوجة النقيب المقتول على الثأر، إذ تصبح هي حافظة الأعراف والخبيرة بها، وتستنهض همم رؤساء القبائل بالرغم من خسارتها ولدها وحفيدها في سبيل الدم المهدور، فبعد أن علمت أن قاتل زوجها في المحكمة وسيحكم عليه بالإعدام، تسير مع العشيرة إلى العاصمة للأخذ بالثأر، لا بد أن تزهق الدماء على يد المطالبين بها، لتتحول النزهة العائلية التي تقوم بها القبيلة إلى مجزرة بالغاز الكيمياوي يموت فيها النساء ورجال القبائل والسجناء بعد محاولة العشيرة اقتحام سجن العاصمة. ترسم الرواية الصراع بين أعراف القبيلة وقوانين الدولة، فالعشيرة تهبّ للدم وتنقل لعنته في سلالات التابعين لها، وخصوصاً أبناء النقيب أرحب، فبالرغم من أنهم يُتّموا بقوا محكومين ببنية من العنف ودور ترسمه لهم القبيلة، في حين أن المدينة التي “يضيع″ فيها الجميع تقدم بنية جديدة للعلاقات أساسها هيمنة الدولة، مرجعية الدماء المهدور فيها غائبة، هي ذات بنية بيروقراطية تعتمد على ترتيباتٍ هرميّة للسلطة، هذا الصراع الذي يبدأ في الرواية منذ إقامة المشاريع في القرية ينتهي بالمواجهة المباشرة بين القبيلة والمدينة، فالعنف المختزل داخل أجساد طالبي الثأر لا بد له من ذبيحة تتمثل في جسد القاتل الذي لا بد من التخلص منه. إلا أن الدولة وللحفاظ على سطوتها والقضاء على العُرف بصورة مجازيّة نراها تبيد الجميع، الدولة كمفهوم تلجأ إلى العنف عبر الغاز الكيمياوي، فإن كانت القبيلة بحاجة إلى موت شخص لتعود إلى توازنها، تبيد الدولة قبيلة للحفاظ على توازنها، وهنا نقف عند سؤال التوحش ومدى صلاحية كل من النظامين السابقين في بلاد لم تصل إلى عقد اجتماعي يرضي الطرفين وكياناتهما الاعتباريّة. ShareWhatsAppTwitterFacebook عمار المأمون كاتب سوري