هي حكاية عن القوة. حكايات عن بطل مغوار عظيم. ليس ملكًا أو أميرًا، حتى أنه لم يكن "غولًا" كما زعم.. هو فقط "عبدالشهيد سمعان" الفلاح ابن الصياد.. لكنه امتلك من القوة والشجاعة والجسارة وإصراره لنصرة الحق ما لم يمتلكه غيره في سائر البلاد.. وحقق بإصراره وجسارته ما لم يقدر على تحقيقه أعتى ملوكهم.. هو "عبدالشهيد سمعان" موحد البلاد تحت راية ملك واحد ونصرهم على عدوهم الأسود. "عبدالشهيد سمعان".. ابن الأب الذي هجر أرض الغرب بفِلاحتها واتجه إلى "الزرقاء" المدينة الجميلة المطلة على أكبر موانئ البلاد قبل أن تفيض بالقراصنة فهرب أهلها ذعرًا وكان منهم "عبدالشهيد" ووالده الذي لقى حتفه في أحداث تالية. عاد هذا الفتى ليطالب بأرضه في منشأ والده وبعد صراعات مع أهل قريته استطاع أخذها ولكنه ظل في نظرهم ابن الهارب إلى "الزرقاء". من كان يتوقع أن يتحول هذا "المنبوذ" بعدما ضحى به شيخ قبيلته كجاسوس لدى الأمراء خوفًا من أخبار قد سمعها إلى "غول أحمر" يرعب كل من يراه ومن يقع على مسامعه ذكراه!! خاض بطلنا مغامرة ليست مطلوبة منه ولكنه ما أملاه عليه ضميره محاولا عدم تكرار هرب والده.. حاول توحيد كلمة الأمراء والوطن كاملًا تحت راية ملك واحد من نسل آخر الملوك.. واجه الأهوال طوال تلك الرحلة ولكنه استطاع بفطنة وشجاعة الوصول لمكان الهدف، ولكن ما انتظره لم يكن بالحسبان!! مع ذلك فقد كان يعلم الله صدق نيته فأرسل له من قلب الموت أملًا آخر تشبث فيها هذا "الغول الأحمر" وأكمل طريقه نحو نصر الوطن.. وكان دومًا ما يذكر نفسه والآخرين بـ "لن يحاسبنا الله على نجاحنا فيما استطعناه، سيحاسبنا على سعينا فيما وجب علينا." فلم يهمه النتيجة فقط، كان سعيه هو غايته ووسيلته. استطاع الكاتب في تلك الحكايات العديدة على لسان "عبد الشهيد" وغيره من الرواة أبطال تلك المغامرة إيصال تفاصيلها بشكل كامل كما لو أنك تجلس معهم.. أبهرتني تلك التفاصيل الكثيرة جدا لدرجة التيه ولكنها لم تكن ليست ذات أهمية، براعة الكاتب واستطاعته في سرد حكاية على لسان سائق يحكي قصة بطل يسرد حكايات الماضي ويستمع من الآخرين حكايتهم ويسرد أحداث حاضره وحكايات أخرى فقط جاء ذكرها وإن كانت مجرد أسطورة.. بالإضافة لتلك الروايات التي كانت على لسان غيره من الأبطال وإن قلّوا. يمكنني أن أجزم على قوة القلم وفصاحة كاتبه لما جاء به من كثرة استشهادات وبلاغة في كلمات حكاياته.. هي حقًا حكايات مبهرة أنهيتها على عدة جلسات لكثرة تفاصيلها الممتعة. أنصح بها بشدة.