نقطة خاطرة

5 out of 5 stars

معزوفة العطش .. رواية * هل تحب الحكمة؟ وهل تبحث عن نص يصلح أن يكون اقباس في مقدمة ما؟ قد تجد الكثير من ذلك في هذه الرواية لكن بأسلوب مرن وسلس! * هل اتعبتك أسئلة الحياة؟ ما هو الذي يجعلنا بشرا بحق؟ ولماذا تكون النظرة المادية هي أخطر داء يهدد البشرية؟ * هل ارهقتك الكتب الصماء التي تحاول الاجابة بشكل معقد جدا بحيث لا تستطيع اكمال صفحة واحدة منها؟ * هذه الرواية هي لك إذن. تدور احداث الرواية على أرض مسطحة وفي قارات ومدن وبلاد نسجت اسماءها من وحي الخيال وفي تلك البلاد كان الناس ذو نظرة مادة لطبيعة الاشياء وتدور أحداث القصحة حول شخص يحاول أن يتبين حقيقة الأمر مما يدفعه للسفر إلى حافة الأرض!!!!!! لا يلتزم الكاتب الترتيب الزمني في رواية أحداث القصة ولا تكتشف سر ذلك إلى عند نهايتها لتعلم أن تلك الرواية تحديدا لا يصح أن نرويها وفق تسلسل أحداثها! العطش إلى المعرفة هو المحرك في تلك الرواية التي تحيطها قصص البؤس مما يدفعك لان تظن بأن كاتب قصة البؤساء الشهيرة كان ضعيف الخيال. فالبؤس في الرواية كان جزءا اساسيا من السؤال التي تحاول الاجابة عنه اليك بعض سطور الرواية ... قلتُ لـها: «أتعلمين مرآتي المفضلة؟». نظرت لي غير فاهمة وقالت: «ماذا؟». قلت: «انعكاس وجهي على عينيكِ». ابتسمت بخجل قائلة: «لماذا؟». أجبتها: «لأني أرى نفسي حينها في مكاني الطبيعي كما أراها داخل قلبي، صورة صغيرة بعيدة على هامش صورتك أنتِ ناصعة الوضوح»! ..... اقتربتُ من الأطفال بحذر ووضعتُ يدي على جبهة أصغرهم، كان طفلًا في الخامسة تقريبًا، أيقظته لمستي، وقد كان البرد يمنعه من النوم العميق، نظر لي ورأى الندبة الكبيرة في وجهي، فخاف ثم بكى وأيقظ أمه. «عذرًا، آآ لم أقصد. طفلك جميل». نظرت لي الأم نظرة طويلة بعينيها المنفوخة وشعرها الأشعث، وقالت: «خذيه»! لم أفهم، ظننتها تهددني، فقلت وأنا أنظر بعيدًا وأهم بالانصراف: «لا أنوي اختطافه بالطبع، كنتُ أشفق عليه من البرد فحسب». قالت بإصرار: «خذيه». نظرتُ لها وفهمت، هذا ليس تهديدًا، إنه توسل! «تريدين أن آخذ منكِ طفلكِ؟». نظرت لزوجها النائم وخفضت صوتها مخافة أن يسمعها: «أرجوكِ، لو كان لديكِ طعام لعشائه وسقف يظله، أرجوكِ خذيه». لم تكن تبكي ولكن نظرة عيونها الجافة أرتني أي بؤس يعتري روحها الممزقة. نظرتُ حولي فوجدتُ القذارة تملأ كل شيء، لطخات على وجهها وعلى ثوبها وعلى دثارهم الواحد يتقاسمه خمستهم. لطخات على الرصيف الذي هو بيتهم وعلى الحائط الذي هو غرفة معيشتهم وعلى كسرات الخبز الجافة بجانبهم رماها المارة لهم في اشمئزاز ورحلو .... تخيل انك في عالم لا يوجد فيه امتياز للإنسان عن المقعد الذي يجلس عليه. لا يوجد اتجاه لحركة التاريخ يسري فيه. سفينة تبحر في بحر مظلم دون أمل في الوصول إلى أي وطن. لا يوجد فيه صالحون لأنه لا معنى نعرفه للصلاح، لا يوجد فيه مذنبون لأنه مهما فعل الإنسان فهو لم يقترف الذنب فعلًا! تخيل أنك في عالم قرر البشر فيه أن يتحولوا إلى حيوانات ضارية، لا، بل إلى وضع هو أشد سوءًا من أية حيوانات. فالحيوان يتحرك بالغريزة فيرحم ابنه أو يؤثر جاره كي تبقى قبيلته صامدة أمام الأعداء. أما إنسان الكِميت فقد احتال بعقله على الغريزة، وسرعان ما أدرك أنه ليس مضطرًّا أن يفعل أيًّا من ذلك، ولا يحتاج حقًّا إلى القبيلة. تخيل أنك في عالم من الأحجار دبت فيها الحركة لتسير وتتكلم وتتزاوج، ولكنها في الحقيقة ليست أحجارًا فعلًا، هم بشر، يحملون ما يحمله البشر»