سمية رافع

3 out of 5 stars

صعب أن تكتب عن رواية حفظت نصفها على شكل اقتباسات ... نفس الإحساس بعدما أنهيت "نبض" قبل سنوات ... وَفِيٌّ أدهم لأسلوبه ولو حُذِفَ اسمه لجزمت أنه هو الكاتب. بعد هذه المقدمة سأبدأ... - الرواية رسالة مطولة من البطل لحبيبته، يستعيد فيها تفاصيل لقاءاتهما في الحافلة التي كانت مسرح أغلب الأحداث، يعرج في سرده على بقية الركاب ويتطرق لمواضيع عديدة ... تساؤلات كان يسوقها عن طريق أحداث ينسجها ثم يبرهن على رأيه ويدعمه بحجج مقنعة لينور القارئ. لا يمكن أن نمر على الرواية مرور الكرام كما نفعل غالبا -أنا على الأقل- ، "ليطمئن قلبي " تجبرنا على التوقف من حين لآخر كأننا مع كتاب فكري، فلسفي، فقهي .... نتعرف على رأي الإسلام في مواضيع كثيرة، موقفه من الحب، من الرأس المالية ... نتأثر بقصة تلك السيدة التي أصابها السرطان فنحمد الله على نعمه التي لا تعد ولا تحصى، من قصة الأعمى ندرك أن الحب الحقيقي شمعة تضيء حياتنا المظلمة، قصة المرأة التي حرمها العقم من طفل فوجدت نفسها أما لأطفال، وفي حياتنا كم كرهنا من شيء ثم اكتشفنا مع الأيام أن فيه خيرا كثيرا... وأجمل ما تطرق له الكاتب مسألة الإلحاد من خلال حوار أتقن حياكة تفاصيله... أسئلة كثيرة تزورنا جميعا من حين لآخر حاول الإجابة عليها مدعما كلامه بأدلة من القرآن والسنة. قد ينظر أحدنا إلى هذا المُؤَلّف نظرة سطحية فيبدو له مجرد ذكريات عاشق، لكن في الحقيقة كمية المعلومات المتدفقة تدل على سعة اطلاع الكاتب، قفزه من السيرة النبوية والأحاديث الشريفة إلى الإقتصاد والفكر والفلسفة والأدب .. تارة نستشعر معه جمال أبيات شعرية وتارة نغوص في علم الاجتماع وأحيانا نتجول بين التاريخ القديم والحديث... أدهم شرقاوي كاتب موسوعي وليس مجرد مؤلف روايات، فكل عمل نقرأه له نتعلم منه شيئا جديدا، شخص جعل الكتابة رسالة وأحسن إيصالها لنا ... بمثله تفتخر الأمة الإسلامية ? -وفي الختام أعترف أنني كلما قرأت أكثر اكتشفت أن معرفتي لا تتجاوز النقطة ... كلما أنهيت كتابا زادت لهفتي لقراءة كتب وكتب... زاد شوقي للتعلم مُحاولةً الهروب من جهلي ...