كتاب عيون الانباء في طبقات الاطباء

كتاب عيون الانباء في طبقات الاطباء بقلم ابن أبى أصيبعة ... من أطباء العرب المعروفين وأدبائهم المرموقين رجل ترجم في كتاب واحد، لم يؤلف غيره، أطباء العالم المشهورين منذ بدء التاريخ حتى يومه الذي هو فيه. إنه موفق الدين أبو العباس أحمد بن القاسم ابن أبي أصيبعة السعدي الخزرجي. ولد موفق الدين في مدينة دمشق في عام 600 للهجرة في بيت علم وأدب، فقد كان والده من أمهر الكاحلين (أطباء العيون) في دمشق. وبعد أن أتقن العلوم اللسانية على علماء زمانه انصرف إلى تلقي علوم الطب عن والده ولكنه رأى أن ما يحسنه والده لا يشفي غليلاً فانصرف إلى تليقي العلوم التي تبحث في شتى أمراض العيون على كل من يحسنها. وكانت القاهرة في عهده منتهى السبل وملتقي العلماء، والدولة الأيوبية في عز مجدها وسؤددها. فسافر إلى القاهرة والتحق في المارستان الناصري الذي أنشأه الملك الناصر صلاح الدين في القاهرة وأخذ يعمل على تحصيل العلم فاشتهر بذكائه وحسن مداواته لأمراض العيون واستلفت نبوغه الجالس على كرسي الملك فألحقه بخدمة الدولة. لكن شهرته وصلت إلى إسماع عز الدين وهو في صرخد، إحدى مدن جبال حوران، فأرسل في طلبه، فرحل إليه وأعجبه مناخ صرخد فمكث فيها حتى وافته المنية عام 668 للهجرة. وقد ترك ذكراً خالداً ومؤلفاً ضخماً ألفه لأمين الدولة وزير الملك الصالح هو أحسن كتاب في التراجم لا يشبه إلا كتاب أخبار الحكماء لكنه يمتاز عليه بأنه أوسع وأوفر مادة جمعه وقاسى في جمعه الصعاب وقضى السنين الطوال محققاً ومدققاً حتى تمكن من تأليف كتابة هذا وقد أسماه "عيون الأنباء في طبقات الأطباء. ابتدأ بترجمة كبار الأطباء زمن الإغريق والرومان والهنود، وقسمه إلى عدة أقسام وهو يحوي ما ينوف عن 400 ترجمة. ترجم أولاً أطباء اليونان وغيرهم. وهو لا يترك شاردة ولا واردة إلا ويذكرها., ولا يكتفي بذكر ما قام به المترجم له من أعمال بل يأتي على شيء من آرائه في الطب لكنه لا يذكر سنة الولادة ولا سنة الوفاة على أنه إذا تمكن من معرفة سنة الوفاة ذكرها وإلا تكلم عن صاحب الترجمة ذاكراً ما وصل إليه. ويذكر أيضاً ما ألفه المترجم له من كتب أو ما نقله إلى اللسان العربي من الكتب يذكرها بوضوح ويتكلم عنها بمعرفة. ثم يتكلم عن الأطباء العرب والعجم والهنود والمغرب وأطباء مصر والشام كل قطر على حدة، ويذكر في كتابه الكثير من الشعر العربي الذي نظمه الأطباء الذين ترجم لهم، وترى بين التراجم عدداً كبيراً من المشاهير الذين لم يعرفوا بأنهم أطباء، لكنك حين تقرأ كتاب ابن أبي أصيبعة تعلم عند ذلك أن هؤلاء كانوا أطباء إلى جانب كونهم أدباء أو شعراء أو من مشاهير الصوفية.