فقهاء الظلام
فقهاء الظلام بقلم سليم بركات ... في أولى رواياته «فقهاء الظلام»، عمد بركات «1951-» إلى إنتاج نص مراوغ يصعب تحديد مركزه، أو السيطرة على معانيه المتشظية والمتناثرة، مستخدماً اللغة غير المدجنة التي يكتب بها أشعاره أيضاً. ويصعب مع نص كهذا أن تتلخص في سطور أحداثه وحكاياته المتشعبة، التي تدور في مدينة «القامشلي» السورية (شمالي البلاد)، ويقطنها غالبية من الأكراد وخليط من السريان الآشوريين والعرب والأرمن. ومع ذلك تظل حكاية ولادة «بيكاس» نقطة البدء ووصل الانتهاء.. "- يتحوّل الميدان الطبيعي والبشري لمنطقة "الجزيرة" إلى منبسط درامي حاشد، يجثم على عناصره ذلك الإحساس العميق بوطأة التاريخ: تاريخ البلاد، تاريخ الأسرة المتسلسلة التي حلّت محلّ العشيرة والقوم، تاريخ الخرافة الشعبية التي استباحت الماضي حتى انقلب أساسها الأسطوري إلى منفذ تخييلي لمغالبة ذلك الماضي. الملاّ "بيناف" ينخرط في موقف عبثي يضمّ الطرافة والعجب إلى المحنة والمأزق: وليده "بيكاس" يتخطى الحاجز الزمني للعمر البشري، فهو يبلغ الثلاثين بعد سبع ساعات من ولادته، ويبلغ الأربعين عصراً، والخمسين مساءً! وهو ينطق فور ولادته، ويخاطب والديه هكذا: "إنها محنة ستنسيانها حين تنقضي، أما أنا فلن أجد الوقت لأنساها".