ثقافتنا في ضوء التاريخ
ثقافتنا في ضوء التاريخ بقلم عبد الله العروي ... من يفكر اليوم في مفهوم التاريخ لا يكتفي بفحص صناعة المؤرخ، مع أن هذا الفحص يكون مدخلاً ضرورياً للموضوع. انه يتساءل عن المصير، عن البداية والنهاية، عن الزمان، عن الوجدان الإنساني… وكل بحث عن أي من هذه المفاهيم يعتبر مساهمة في توضيح معنى التاريخ ينقسم الفلاسفة إلى فئتين: فئة تحلل زمان الأسطورة، في الميثولوجيات وفي فلسفات التاريخ، وفئة تصف تجربة الزمان الوجودي، وينقسم منظرو التاريخ أيضاً إلى قسمين: قسم يشخص مراحل التطور في الكون، في الخلية، في الثقافة، اعتماداً على اكتشافات الطبيعيات، وقسم يهتم أولاً وقبل كل شيء بنشأة الفكر التاريخي في نطاق العمل السياسي.أما المؤرخون المحترفون فإنهم يقصون قصة الطبيعة وقصة الثقافة وقصة السياسة، حيناً بهم منهجي وأحياناً بدونه. وينشأ الأشكال في التساكن، تحت بين مفاهيم مختلفة، مطابقة لمجالات معرفية متباعدة. لو كان التاريخ مفهوماً وصناعة، محدد الاستعمال، مخصص لمجال واحد، لما وقعت المساجلات المستمرة بين مذاهب قديمة ومحدثة. لكن من جهة أخرى لا يمكن نفي واقع التساكن وما ينتج عنه من أشكال ان كلمة تاريخ تعني اليوم معاني مختلفة جداً، وهذا واقع لا مناص منه. وبغاية استشراف رؤية معاصرة لثقافتنا في ضوء التاريخ تنطلق مناقشات ملتهبة في هذه الآونة في العالم العربي حول القديم والحديث، حول التراث والمعاصرة، حول المادية والمثالية… وهذا النقاش هو في العمق نقاش حول مفهوم التاريخ. لذا الأجدر والأهم والحالة هذه الاطلاع على ابستمولوجيا التاريخ.