الوحش

إذا تحدّث أحدهم عن"العنصرية" فسيتبادر إلى ذهن السامع للوهلة الأولى العنصرية ضد البشر ذوي البشرة السمراء أو من أصول أفريقية ممن يقيمون فى بلاد يكون المكوّن الأغلب للسكان فيها، بشراَ من ذوي البشرة البيضاء. لكن فى رواية"الوحش، لستيفن كارين" لم تظهر العنصرية فقط ضد بطل الرواية لكونه"زنجيا" كما تسميه الرواية، إنما أتسعت دائرة العنصرية لتكون عنصرية من الكثيرين ضد الكثيرين. الأغنياء ضد الفقراء، من يظنون أنهم يعملون فى وظائف أعلى ضد من يعملون فى وظائف يظنون أنها أدنى، المسؤلون ضد السائلون. وغيرهم. وهذا ما توضحه الرواية بكل تفصيلاتها بعد تلك الحادثة المروعة التى سيتعرض لها بطل الرواية"هنرى جونسون" وبدلا من تكريم المجتمع له على بطولته فى تلك المآساة، حدث العكس، ونبذه الجميع. وكانت الحادثة هى"الكاشفة" التى أوضحت زيف الصادحين بفضائل الأخلاق، من التسامح والتعايش والإنسانية والتراحم. أنشأ"ستيفن كارين" مدينة"ولومفيل" الخيالية على تخوم مدينة نيويوك، ليستخدمها كمسرحا لأحداث أربعة عشر قصة من ضمنها"رواية الوحش، الفندق الأزرق، وقفازاته الجديدة" وهى قصص كتاب الوحش. وجميع القصص التى دارت أحداثها فى المدينة الخيالية أنتقدت بعض الأخلاق المرذولة لدى البشر، كالعنصرية، والعنف والإغترار بالقوة، والسلطة الأبوية التى تؤدى إلى خسران الكثير من الأبناء لطفولتهم. رغم الحياة القصيرة التى عاشها الروائي الأمريكى والقاص والصحفى والشاعر"ستيفن كارين" والذى توفى إثر مرضه بالسل فى عمر الثامنة والعشرون فقط، إلا أن رصيده الأدبي الزاخر أكبر كثيرا من السنوات التى عاشها، وجُل أعماله نشرت بعد وفاته بعدما لم يمهله الموت فرصة نشرها حيا. رواية الوحش كانت آخر عمل"لكارين" نشر قبل وفاته مباشرة. وقد تم تحويل هذه الرواية إلى فيلم سنيمائي لكن الغريب فى هذا الفيلم أن البطل فيه"أبيض" " الفيلم أنتاج عام 1959 . وبعنوان "Face of Fire" الفيلم من بطولة"كاميرون ميتشل، جيمس وايتمور، بيتى إكرمان، ميكو أوسكار، رويال دانتو" ومن إخراج"ألبرت باند"