الطليعة (سلسلة مقدمات موجزة)
الطليعة (سلسلة مقدمات موجزة) بقلم ديفيد كوتنغتن ... وعلى الرغم من انتشار المصطلح وأهميته الاستراتيجية، نرى أن التاريخ الثقافي لم يشهد سوى محاولات قليلة لاكتشاف سبب السلطة الهائلة التي ينطوي عليها مصطلح "الطليعة" أو لمعرفة مصدرها، أو كيف تحددت شروط العضوية في هذا النادي الخاص، أو معرفة ما إذا كان لارتباطها بالمواقف اليسارية ما يبرره. والأهم من هذا وذاك أن الكلمة تبقى غامضة دلالة واستعمالا. فما علاقة "الطليعة" بالتكتل الاجتماعي والأعمال الفنية؟ هل هي متساوية؟ وأين موقع "الطليعية" من هذا كله؟ وأخيرا وليس آخرا، بما أن الفن المعاصر تجاوز على ما يبدو كل المحاذير، وهو في بؤرة سوق الفن، فهل بقيت هناك طليعة فنية؟ وإن كان الأمر كذلك، فما غايتها؟ ومن هم الفنانون المعنيون؟ هل معرض فريز الفني في لندن، أو معرض بينالي البندقية، أو مسابقة بوكر، أو مهرجانات الأفلام في بيوتات الفن في جميع أنحاء العالم طليعية؟ فإذا صح هذا، فما الذي، أو من الذي، يجعلها هكذا؟ فبالرغم من سعة انتشارها في الكتابة عن الثقافة الحديثة، فإننا لا نجد إجابة مرضية حتى عن سؤال واحد من هذه الأسئلة. فالمفهوم، على اختلاف أشكاله خضع لجدل كبير. لذا يحاول هذا الكتاب الإجابة عن هذه الأسئلة، وتحقيق هذا الهدف بطريقة تضع الطليعة ضمن التأثير العالمي الأوسع لسياق تطور الحداثة الغربية والثقافة الرأسمالية.