Ahmad Rohayma

وقف حمزة بجسده الصغير يتطلّع إلى الأعلى رافعًا رأسه نحو الڤيلا التي يحيطها السور الحجري. الشمس توشك على المغيب من خلفها. لم يعرفْ ما يشدّه إليها. حدّق في بنائها الغريب. ثم دون أن يدري، شعر باللزوجة الحمراء الداكنة تتسرّب من مكانٍ داخل عقله، تُغَلِّف ما بداخل رأسه. رأى كوخًا خشبيًا في وسط غابة. والأرض تنير أمام بابه. الغروب من فوق الهضبة. سِرْب طيورٍ قادمٌ من بعيد. والباخرة تسير ببطءٍ في النهر، تحت السماء التي تبدّلتْ ألوانها. قبل أن يتشقَّق المساء. والغضب الأعمى والندم الحارق والحنين الأليم. سمع أصواتهم جميعًا آتية من هناك، من الخارج حين كان هو محتميًا بداخل السحابة الحمراء، رغم أنه لم يسمع أصواتهم يومها، ولكنها حُفرت في ذاكرته؛ لأن عينيه شهدتا ما حدث. تذكّر أن هناك من كانوا بانتظاره في تلك اللحظة، والقَدَر وحده يعلم ما يحدث لهم. أيقظه زياد من تجمّده أمام الڤيلا حين وضع يده على كتفه. نظر حمزة حوله فلاحظ أن ستار الليل قد أطبق. سأله يوسف إن كانت الڤيلا المسحورة قد سحرته، ثم أخذ يضحك. لم ينتبه حمزة إلى وقوفه أمامها كل هذا الوقت. شعر أن أشياءً ذات أهمية كانت تدور بداخل رأسه. حاول أن يتذكّرها. لم يستطع. ثم عاد إلى اللعب مع صديقيه.