أغسطس

عندما يصبح الماضي القريب تاريخا والأشياء الصغيرة هي الأصل رواية ليست عادية في تناولها لماضي يبدو قريبا في أحداثه لكنه أكثر بعدا في تناوله. هل تعرف سنسبري وماذا حدث له في بدايات القرن الواحد والعشرين؟ تدور أحداث الرواية في حي الظاهر التاريخي بحكاياته وقصصه في فترة الثمانينيات والتسعينيات حتى بداية القرن الواحد والعشرين فترة غنية بهدوئها حتى لتبدو للفرد العادي إنها مجرد مرحلة بين زمن الحروب وزمن الثورات، لكن في الحقيقة فهي حصاد وبناء لجيلي الحلم والهزيمة سواء في الستينيات والسبعينيات أو الأولفينات. بطل الرواية شخصية غير عادية، فهو من نوادر الأبطال في الرواية العربية، ولكونه رمز يحيطه مجموعة من الرموز، وإن كان هذا أضعف جزء في بناء الرواية وجاء مشوش في بعض الأحيان، إلا أن بناء الشخصيات وخلفياتها جاء مميز في أغلب تناوله لغة العمل ومفرداته مميزة وطازجة وفي بعض الأحيان صادمة وإن كانت غير فاضحة أو فاحشة، هي فقط ترسم المشاهد بقوة وإتقان. ومن أجمل ما تقدمه الرواية هي حقائق منثورة بين السطور، غالبا لم يتطرق أحد إليها قبلا عن المجتمع اليهودي في مصر خلال سبعين سنة، كما تمت الإشارة بذكاء لبعض الأشخاص الحقيقيين خاصة من جماعات الإسلام السياسي والحذق يفهم. الشخصيات الثانوية كذلك تم تقديمها ببراعة خاصة شخصية الأم، أي أم، فهي مغايرة للصورة النمطية عن الأمهات، بل وعن أي امرأة في نفس ظروفهما وعلاقتهما بأبنائهم. جاءت النهايات كلها حزينة بل فاجعة في بعض الأحيان بما يليق بأبطال شوهت بماضي قاسي حاضر غير رحيم. أغسطس رواية تقرأ على مهل لمحاولة استيعاب ما بين السطور، بل وقد ادعى أن قرأتها الأولى ظالمة لما تحوي من أفكار ومعاني تحتاج للتمعن والإدراك.