غرفة التظهير

(0)
(0)
Rating
0.0/5 0
Description

غرفة التظهير بقلم Roland Barthes. ... غرفة التظهير حاشية على التصوير يعمل المجتمع على عقلنة الصورة، وعلى تهدئة الجنون الذي يهدد، باستمرار، بالانفجار في وجه من ينظر إليها. ولذا، ثمة وسيلتان تحت تصرفه. تقضي الأولى بجعل التصوير فناً. وما كان ذلك كذلك إلا لأنه لا يوجد فن مجنون. ومن هنا، يأتي إصرار المصور على منافسة الفنان، وذلك بالخضوع إلى بلاغة اللوحة، وإلى طريقتها الرفيعة في العرض. ويمكن للتصوير أن يكون بالفعل فناً. وذلك عندما لا يكون فيه أي جنون، وعندما يُنسى لبُّه، وفي النتيجة عندما لا يؤثر جوهره علي. وأما الوسيلة الأخرى لعقلنة الصورة، فتكمن في تعميمها، وفي تجميعها، و جعلها مألوفة إلى درجة لا يقوم أمامها أي صورة تستطيع إزاءها أن تتميز، وأن تؤكد خصوصيتها، وفضيحتها، وجنونها. وهذا ما يجري في مجتمعنا حيث الصورة تسحق بطغيانها كل الصور الأخرى. فلا للنقوش، ولا للرسوم التصويرية، إلا ما كان خضوعاً مفتوناً (وفاتناً) بالنموذج التصويري. ولقد قال لي شخص أمام زبائن إحدى المقاهي: «انظر إلى كآبتهم. إن الصور في أيامنا هذه، أكثر حياة من الناس». وربما تكون من إحدى علامات عالمنا هذا الانقلاب. فنحن نعيش تبعاً لانقلاب معمم. هذا هو التحوّل الكبير. ويطرح مثل هذا الانقلاب القضية التقنية: ليس لأن الصورة غير أخلاقية، وغير دينية أو شيطانية (كما قال ذلك بعضهم عندما اختُرع التصوير)، ولكن لأنها معممة، فإنها تلغي واقعية العالم الإنساني للصراعات والرغبات تماماً، تحت غطاء إبرازها. ولذا، فإن ما يحدد سمة المجتمعات التي يقال إنها متقدمة، هو أن هذه المجتمعات تستهلك اليوم صوراً، ولا تستهلك عقائدَ كما كانت المجتمعات في السابق. إنها، إذن، مجتمعات أكثر ليبرالية، وأقل تعصباً، ولكنها أيضاً مجتمعات أكثر «زيفاً» (وأقل «أصالة») - وهذا شيء نترجمه في الوعي الجاري بالاعتراف بما يتركه الملك الغثياني من انطباع، كما لو أن الصورة حين تصبح كونية، تنتج عالماً بلا فوارق (غير مبالٍ)، وحينئذ فإنه لا يمكن إلا أن ينبثق هنا وهناك صراخ الفوضوية، والتهميش، والفردانية قائلاً ألغوا الصور، أنقذوا الصورة المباشرة (لا للوساطة).

Copyrighted material, Not available for download
Write a review
Notify me when available for reading

Author

Roland Barthes. Roland Barthes.

فيلسوف فرنسي، ناقد أدبي، دلالي، ومنظر اجتماعي.وُلد في 12 نوفمبر 1915 وتُوفي في 25 مارس 1980، واتسعت أعماله لتشمل حقولاً فكرية عديدة. أثر في تطور مدارس عدة كالبنيوية والماركسية وما بعد البنيوية والوجودية، بالإضافة إلى تأثيره في تطور علم الدلالة.

تتوزّع أعمال رولان بارت بين البنيوية وما بعد البنيوية، فلقد انصرف عن الأولى إلى الثانية أسوة بالعديد من فلاسفة عصره ومدرسته. كما أنه يعتبر من الأعلام الكبار - إلى جانب كل من ميشيل فوكو وجاك دريدا وغيرهم - في التيار الفكري المسمّى ما بعد الحداثة.

Other books by the author

Similar books

Ratings and reviews about (غرفة التظهير)

Customer Reviews

0.0/5

0.0 out of 5 stars

based on 0 reviews

Ratings and reviews about

5 starts

0 %

4 starts

0 %

3 starts

0 %

2 starts

0 %

1 starts

0 %

Share your thoughts

Share your rating and thoughts with us

Login to add to your review

Recent Reviews

No reviews yet. Be the first and write your review now

Write a quote

Recent Quotes

No quotes yet. Be the first and write your quote now

Readers

No readers yet