وعاظ السلاطين

(1)
(0)
تقييم الكتاب
5.0/5
1
نبذة عن الكتاب

وعاظ السلاطين بقلم علي الوردي ... أقدم بين يدي القارئ العربي, بحثاً صريحاً لا نفاق فيه حول طبيعة الأنسان. ... قد ابتلينا بطائفة من المفكرين الأفلاطونيون لهم أسلوب في التفكير يحاكي أسلوب الواعظين الذين لا يجيدون إلا إعلان الويل والثبور على الإنسان لانحرافه عما يتخيلون من مثل عليا, دون أن يقفوا لحظه ليتبينوا المقدار الذي يلائم الطبيعة البشرية من تلك المُثُل. فقد اعتاد هؤلاء المفكرون أن يعزوا علة مانعاني من تفسخ اجتماعي إلى سوء أخلاقنا. وهم بذلك يعتبرون الإصلاح أمراً ميسوراً. فبمجرد أن نصلح أخلاقنا, ونغسل من قلوبنا أدران الحسد والأنانية والشهوة, نصبح على زعمهم سعداء مرفهين ونعيد مجد الأجداد. إنهم يحسبون النفس البشرية كالثوب الذي يُغسل بالماء والصابون فيزول عنه مااعتراه من وسخ طارئ. وتراهم لذلك يهتفون بملء أفواههم: هذبوا أخلاقكم أيها الناس ونظفوا قلوبكم! فإذا وجدوا الناس لا يتأثرون بمنطقهم هذا انهالوا عليهم بوابل من الخطب الشعواء وصبوا على رؤوسهم الويل والثبور. وإني لأعتقد بأن هذا أسخف رأي وأخبثه من ناحية الإصلاح الأجتماعي . فنحن لو بقينا مئات السنين نفعل كما فعل أجدادنا من قبل نصرخ بالناس ونهيب بهم أن يغيروا من طبائعهم, لما وصلنا إلى نتيجة مجدية. ولعلنا بهذا نسيء إلى مجتمعنا من حيث لا ندري. إننا قد نشغل بهذا أنفسنا ونوهمها بأننا سائرون في طريق الإصلاح, بينما نحن في الواقع واقفون في مكاننا أو راجعون إلى الوراء. إن الطبيعة البشرية لا يمكن إصلاحها بالوعظ المجرد وحده. فهي كغيرها من ظواهر الكون تجري حسب نواميس معينه. ولايمكن التأثر في شيء قبل دراسة ما جُبل عليه ذلك الشيء من صفات أصيلة. إن القدماء كانو يتصورون الإنسان حر عاقل مختار. فهو في رأيهم يسير في الطريق الذي يختاره في ضوء المنطق والتفكير المجرد. ولهذا أكثروا من الوعظ اعتقاداً منهم بأنهم يستطيعون بذلك تغيير سلوك الإنسان وتحسين أخلاقه. دأبوا على هذا مئات السنين. والناس أثناء ذلك منهمكون في أعمالهم التي اعتادوا عليها لا يتأثرون بالموعظة إلا حين تلقى عليهم. فنراهم يتباكون في مجلس الوعظ, ثم يخرجون منه كما دخلوا فيه لئاماً. لقد جرى مفكرونا اليوم على أسلوب أسلافهم القدماء, لا فرق في ذلك بين من تثقف منهم ثقافة حديثة أو قديمة. كلهم تقريباً يحاولون أن يغيروا بالكلام طبيعة الإنسان.

غير متاح للتحميل، حفاظًا على حقوق دار النشر.
أضف مراجعتك
أبلغني عند توفره للقراءة

نبذة عن الكاتب

كتب مشابهة

مراجعات العملاء

5.0/5

5.0 out of 5 stars

من 0 مراجعات

تقييمات ومراجعات

5 نجوم

100 %

4 نجوم

0 %

3 نجوم

0 %

2 نجوم

0 %

1 نجوم

0 %

قيِّم الكتاب

شاركنا رأيك وتقييمك للكتاب.

سجل دخولك لتتمكن من إضافة مراجعتك.

أحدث المراجعات

لا توجد مراجعات بعد. كن صاحب أول مراجعة واكتب مراجعتك الآن.

أضف اقتباسًا

Recent Quotes

لا توجد اقتباسات بعد. كن صاحب أول اقتباس وأضف اقتباسك الآن.

القرّاء

لا يوجد قراء بعد