خطوة في الجسد

(0)
(0)
تقييم الكتاب
0.0/5 0
نبذة عن الكتاب

خطوة في الجسد بقلم حسين علام ... "كان بن عمر ينظر من بعيد إلى هذه الجماعة من السكارى ويستمع إلى هذا الكلام. لقد تنحّى جانباً عنهم منذ البداية. أراد أن يسمع بنفسه ذلك الكلام الذي يروى في كل مكان من المدينة المحروسة. كانت حكاية يوسف وبايه البجاوية منتشرة في كل مجلس، تجري على كل لسان كما تجري النار في التبن أو في كومة من العوسج. يتداولها الناس في المقاهي والمحطات والمساجد والساحات... في الدروب وعلى الأرصفة، حتى أن السكارى يتداولونها في خلواتهم.. وغدت حديثهم الذي يستعينون به من الوصول إلى آخر السكر الذي يطلون منه على سؤر أرواحهم الخائفة من القتل. وهن اليوم يتهامسون بها ويعدونها حكايتهم الأثيرة. أما الذين يجرؤون على روايتها علناً فعليهم أن يتخفّفوا عندما يشرعون في ذلك، ليس لأنها نذير شؤم؛ بل لأنه لا أحد يمكن أن يصدق أن البجاوية امرأة حقيقية، لذا يتكتمون عند البوح باسمها أيضاً أمام الشرطة أو العسكر ويخفون معرفتهم بها، تماماً كما يخفون قطع الكيف ويضعونها في علب الكبريت وفي تبطين السراويل والجاكتات أو يرمونها بين السجائر، تحت، في القاع. لقد صارت هذه الحكاية ممنوعة عن الناس لأنها مرتبطة بــ(الدولة)، ولكنها كانت على كل لسان لهذا السبب بالضبط. لقد خربت عقول الناس كباراً وصغاراً لأن كل راوٍ كان يضيف لها شيئاً من عنده، فهي لذلك تتضخم وتتورم وتكبر حتى تغدو بحجم شجر البلاطان. وأما الذين يكرهون يوسف ولد المهدي الخرّاز فكانوا يضيفون إليها الوقائع الكاذبة. وها هي رائحة الشماتة تندّ من أفواه أولئك الذين قالوا عنه أنه هو من قتل.. أنهم يغالطون ويدلسون.. ها هم يدّعون عليه..". من خلال روايته هذه يحاول الكاتب البوح بما يعتري المجتمع الجزائري بصورة عامة وتلمسان بصورة خاصة من موجات رعب سببته سلوكيات البعض وعقلياتهم التي أباحت وأعطت لهم حرية القتل كيفما اتفق منطلقين من أوهام وتصورت وحتى إشاعات كاذبة استهدفت النساء وحتى الرجال في ذلك المجتمع. تسير أحداث الرواية ضمن مسار يتيح للقارئ استقراءها بهدوء متأنياً عند المنعطفات التي أرادها الكاتب وقفات يبوح بها عمق الألم الذي سببته تلك الموجات صادرة من شعب قاتل في سبيله ردحاً من الزمن. إذ نراه يقول وفي إحدى مشاهد الرواية: "تلك الكلمات التي تلقى في التعازي وفي الجرائد أو في الكتب، ليس لها من معنى. لأن عيوننا لا تزال تتماشى عيون أمهات وأبناء المقتولين أو زوجاتهم ولا زلنا نقول أن هذا قضاء الله وقدره لكي نتخلص منهم... نحن لن نتألم مثل آلامهم.. هذه التي لن نكون جديرين بها أبداً.. أنت على حق عندما كنت تقول لي دائماً أننا اليوم لسنا جديرين بآلام الجزائريين عبر تاريخهم الطويل من القهر والنضال. فنحن لم نقف عنده في يوم من الأيام بجد. لم نتأمله كما ينبغي لنضع حاضراً مختلفاً". وتجدر الإشارة إلى رواية "خطرة في الجسد" هذه هي الرواية الفائزة بجائزة مالك حداد في دورتها الثالثة، وهي تستحق ذلك أسلوباً وموضوعاً وصنعة روائية.

غير متاح للتحميل، حفاظًا على حقوق دار النشر.
أضف مراجعتك
أبلغني عند توفره للقراءة

نبذة عن الكاتب

حسين علام حسين علام

روائي و باحث اكاديمي و قاص جزائري .من مواليد 15 جانفي 1968. دكتوراه في الادب المغاربي المكتوب بالفرنسية . يعمل استاذ الادب الاجنبي في جامعة مستغانم منذ 2003. نال جائزة مالك حداد للرواية سنة 2005 ,برواية "خطوة في الجسد " الدار العربية للعلوم و منشورات الاختلاف..له عدة ترجمات من الفرنسية الى العربية. و مقالات في العجائبي.و له كتاب "العجائبي في الادب من منظور شعرية السرد".. الدار العربية للعلوم لبنان و الاختلاف بالجزائر. 2010.

أعمال أخرى للكاتب

كتب مشابهة

مراجعات العملاء

0.0/5

0.0 out of 5 stars

من 0 مراجعات

تقييمات ومراجعات

5 نجوم

0 %

4 نجوم

0 %

3 نجوم

0 %

2 نجوم

0 %

1 نجوم

0 %

قيِّم الكتاب

شاركنا رأيك وتقييمك للكتاب.

سجل دخولك لتتمكن من إضافة مراجعتك.

أحدث المراجعات

لا توجد مراجعات بعد. كن صاحب أول مراجعة واكتب مراجعتك الآن.

أضف اقتباسًا

Recent Quotes

لا توجد اقتباسات بعد. كن صاحب أول اقتباس وأضف اقتباسك الآن.

القرّاء

لا يوجد قراء بعد