الهرمينوطيقا والفلسفة - نحو مشروع عقل تأويلي

(0)
(0)
تقييم الكتاب
0.0/5 0
نبذة عن الكتاب

الهرمينوطيقا والفلسفة - نحو مشروع عقل تأويلي بقلم عبد الغني بارة ... إن الفلسفة بوصفها إبداعاً للمفاهيم وحفزاً في أنظمة المعرفة وتأسيساً لإستراجية السؤال وسعياً لفهم الكائن في هذا الوجود، تبقى دائماً وأبداً، حواراً تساؤلياً بين الكائن والكينونة عبد وسيط اللغة، بما هي مسكن الكائن ووطنه في هذا الوجود. فهو، أي الكائن، يبقى كينونة لغوية مخلّقة وغير مخلّقة، وبما أن اللغة هي شكل من أشكال هذا الوجود، فإن الإنسان بها يتحول من كائنه الإنساني إلى كائنه الكلامي، الإبداعي، وكذلك الأشياء، فإنها داخل عالم اللغة، الوجود تتخلى عن معانيها الأولى التي كانت تحملها في عالم الأشياء لتتحول إلى كائنات لغوية لا تدل خارج هذا الوجود اللغوي، بل إنها لا تنفك وهي تبحث عن مدلولات نفسها أن تتحول إلى دوالٍ لا تحيلك إلا على غيرها في الصيرورة. وبدل أن ترتبط بالحقيقة أو تدلّ على معاني الأشياء تصبح رموزاً وعلامات في هذا العالم أو الوجود، الذي يتحول بدوره إلى وجود دلالي فسيح لا مكان فيه إلا المعرفة / اللغة التي تنتظر المؤول لبعيد إكتشاف ذاته والوجود معاً، أو قل يرحل عبرها إلى وطنه الأول، حيث زمن المعنى الأول؛ إذ لا فكاك لأي رحلة أو عملية عود من ملاحقة الأشياء في أوطانها / تاريخيتها / تراثها؛ لأن فعل التأويل ليس منهجاً متعالياً أو معطىً قبلياً جاهزاً يسلّط سيف أحكامه الوثوقية على كل معرفة، بل أن نظرته / تأويله / فهمه / هي، أولاً وقبل كل شيء، تأويل ذاته عبر مسارات تحوله في الوجود، ضمن سياق إنتظامه فكرة فمعرفة فهماً فتأويلاً، وما ذلك في المحصلة إلا صنع لتاريخيته لكائن تاريخي، وإعادة تشكيل للأشياء من حوله، في إطار علاقته / تفاعله / حواره معها عبر سلطان اللغة ذلك الوسيط médium بإمتياز. وعلى ذلك فإنه يتسنى للتأويل الولوج إلى قلب الثقافات لإعادة مراجعة مشاريعها الكبرى، وبدل أن يقتصر دوره على مجرد فهم الوجود / الأشياء / النصوص، يغدو تأويلاً للتأويل ونقداً للنقد وفهماً للفهم، متخذاً من اللغة دليله في مسعاه، والوسيط الذي به بعيد أشياء الماضي / التاريخ، التراث على أنها تاريخه الخاص كينونة لغوية تملك القدرة على الترحال، حيث الوجود الأول للمعرفة، ليس دخولاً أو ذهاباً إلى هذا التاريخ، التراث كما يصنع البعض، ظناً منهم بأن الماضي نرحل إليه ونعيش في زمنه، والحقيقة خلاف ذلك، فهو، أي الماضي، يتمنع ويرفض ذلك الصنيع، إنما هي ذواتنا عارفة / مفكرة / واعية / فدولة من يجعله بحياتنا، في وطن الكائن وزمن الكينونة من خلال دمج / صهر آفاقنا بآفاقه وآفاق منتجيه وتلقيه هناك. من هنا، فإنه ولمّا كان مرام هذه القراءة من الهرمبتوطيقا والفلسفة، الولوج إلى قلب المشاريع النقدية ومحاصرتها داخل أنساقها المعرفية، فإن الباحث توسل في رحلته هذه بالمقاربة الأركيولوجية / الجنيالوجية، بوصفها رؤية نقدية ومشروعاً طموحاً يغزو أبنية المعرفة وأنظمة الخطابات، قصد تعرية مركزيتها وتفضح سلطويتها وقهرها، فهي، أي المقاربة الحفرية، لا ترى إلى الخطاب كوثيقة، حيث يختفي ما هو عميق وجوهري فيه، بقدر ما تعنى بالخطاب في حدّ ذاته بوصفه نصباً أثرياً، ولا تسعى أيضاً، كما هو شأن التأويليات الكلاسيكية، إلى إكتشاف خطاب آخر يقف خلف الخطاب، كما ترفض أن تكون دراسة تبحث عن المعنى الحقيقي المزعوم خلف المعنى الظاهر. بمعنى آخر، ترفض ترويد ما قيل، فهي لا تسمع إلا صوتها، إنها كتابة ثانية، تضطلع، لا بترصد لخطة تشكل الخطاب أو لحظة اندثاره، وتناهيه، بل بإبراز خصوصية الخطاب، بوصفه خطاباً مختلفاً، وتفحّص القوانين التي يشتغل ضمنها، حتى يتأتي لها الوقوف على المختلف / المفارق في صيغ الخطاب ووجوهه المتعددة. إنها قراءة إبداعية للخطاب، بحثاً عن الممكن / المستحيل.

غير متاح للتحميل، حفاظًا على حقوق دار النشر.
أضف مراجعتك
أبلغني عند توفره للقراءة

نبذة عن الكاتب

كتب مشابهة

مراجعات العملاء

0.0/5

0.0 out of 5 stars

من 0 مراجعات

تقييمات ومراجعات

5 نجوم

0 %

4 نجوم

0 %

3 نجوم

0 %

2 نجوم

0 %

1 نجوم

0 %

قيِّم الكتاب

شاركنا رأيك وتقييمك للكتاب.

سجل دخولك لتتمكن من إضافة مراجعتك.

أحدث المراجعات

لا توجد مراجعات بعد. كن صاحب أول مراجعة واكتب مراجعتك الآن.

أضف اقتباسًا

Recent Quotes

لا توجد اقتباسات بعد. كن صاحب أول اقتباس وأضف اقتباسك الآن.

القرّاء

لا يوجد قراء بعد