أحمد عادل

كل ما يمت للأندلس بصلة وسبب يكون له رونق من طابع خاص، تلك الحقبة التاريخية التي تضفى على ما يخالطها من كتابات حللها القشيبة وتلبسها ثوبًا أنيقًا يزينه عبق التاريخ، لكن على رسلك بعض الشيء، فأنت بصدد قراءة رواية مزجت بين دفتيها عبق الماضي وجمال العربية وقوتها، صيغت بقلم تمكن من اللغة العربية، سيال في الصور البيانية، ذات طرح من منظور جديد، وأهمُّ ما فعلته الكاتبة ابتهال الدسوقي ليس في النقل التاريخي لأحداث تلك الفترة التاريخية، ثمة إبداع حقيقي تجلى في أنسنة التاريخ عبر الصياغة الأدبية الرائعة، حيث لم تعد الرواية ملحمة تاريخية بقدر ما هي ملحمة إنسانية تم التمهيد لها من بداية الرواية. مع الترجالي في رحلة شيقة نراه فوق أعنة الخيل، وفي معترك الحروب، وبين جنبات القصور، وغيرها الصور الكثير، وقد أستطاعت الكاتبة أن تقتحم المعارك وتروي أحداثها قبل أن ينقشع غبارها، ستسمع وقع سنابك الخيل، سترى المدن المحاصرة، ستأتيك الأصوات المتداخلة من استغاثات المكروبين، ومن قوة حناجر المنتصرين، تصور لك القصور كأنك رأي عين، وتمكنت من رواية ما يدور في نفوس أشخاص روايتها من الخواطر المتضاربة، وما يتداخل في النفس الواحدة من موارد متناقضة، حينها توقن أنك أمام قلم متمكن من أدواته. من أراد أن يقرأ رواية أندلسية تجلت فيها عظمة التاريخ ويعلم كيف يُكتب؟ فليصحب الترجالي في رحلته الطويلة ليدرك ما أعنيه من كلماتي.