وعي المجتمع بذاته: عن المجتمع المدني في المغرب العربي
وعي المجتمع بذاته: عن المجتمع المدني في المغرب العربي بقلم مجموعة من الباحثين ... قصدت هذه الندوة الوصول إلى هدفين أساسيين :أولهما ، محاولة توليف وتحديد دقيقين للمفهوم،بالانطاق،بدءا من تجربة المجتمعات المغاربية ،مع الاستنارة،في نفس الآن،بمقارنة مع التجربة الغربية. وثانيهما هو تعميق التأمل في بعض الجوانب النظرية والعملية التي أهملت ، سابقا، فأسقطت من المقاربات و الدراسات أو تم التعرض لها بأدوات تصورية غير محددة ،هي في أغلب الأحيان، منقولة من وسط ثقافي مغاير ، دون أن يقترن نقلها بالتحفظ المنهج والنقد التأصيلي. نقل مفهوم "المجتمع المدني" وكما هو معروف ، إلى المجتمعات المغاربية في السياق الحالي لأزمة التي تهز هذه المجتمعات وما يتولد من ذلك من تغييرات بنيوية ، لهذا يبدو من المفيد أن نتساءل عن صيغ ونتائج هذا النقل وعن جدواه، سواء على مستوى الخطاب أو على الممارسات الملموسة، علما بأننا نسلم بأن الخطاب نفسه ممارسة، وبأنه لا يجب أن ننسى أن مفهوم الممارسة مفهوم شامل ، ومن هنا بالذات ، ضرورة يجاوز الفرق المصطنع بين الخطاب و العمل ، في كل تشخيص . إن التأمل في إشكالية المجتمع المدني يفرض علينا إعادة النظر في مسبقات تطغى على التفكير و العمل . أولها ،تلك المسبقات التي ترى في "المجتمع المدني" حلا سحريا للمفارقة الصعبة التي تكمن في العلاقة بين اﻹبداع و النشاط الفرديين وبين ضرورة الاحتفاظ بالتكافل الاجتماعي و دعم مصالح جماعية ضرورية ومتفق عليها ،ولا سبيل للاستغناء عتها . وبقدر ما تدفعنا هذه المفارقة إلى دراسة النمط الأوروبي وأخذ العبرة منه، فإنها تدفعنا في نفس الوقت إلى الغوص فيما هو موروث عن السيرورة التاريخية للمجتمعات المغاربية والتنقيب في خاصياته. وفي هذا السياق، تأتي معضلة المقارنة بين من يقول بصعوبة إنجازها فيطلب الاستغناء عنها ،وبين من يقول بإعادة صياغتها في قالب يمكن إنجازه، وينبه إلى الخطر المحدق بكل من يتصور إمكانية التخلي عنها.
