من يمنحني قلبا؟

من يمنحني قلبا؟ بقلم وجيه المعزوزي ... ليس الهدف من النشر المبكر لهذا الكتاب ، الذي يحكي يوما بيوم،وفي بعض الأحيان دقيقة بدقيقة، جميع تفاصيل مجهودات هذا الفريق الجراحي الذي نصب نفسه لتحقيق غاية مثالية واحدة،ونشر وإذاعة خبر تم وانتهى ،كالوصول إلى قمة عالية،أو تسجيل رقم قياسي ، بل هو على العكس من ذلك يعلن عن بداية عهد جديد طويل مليء بالمثابرة، يكون الهدف منه جعل عملية "زراعة القلب" في المغرب عملية اعتيادية منظمة وآمنة على الأقل إذا لم نقل عملية روتينية. ومن السهل أن نتفهم هذه السرعة،خصوصا عندما نعرف مقدار شدة التوت ، لدى جميع أفراد الفريق،طيلة شهور،ثم فرحة نجاحهم،ذلك أننا لا نتصور فعلا كل تلك الطاقة والشجاعة اللازمة للتصدي لعملية مثل هذه . وهي حالة كل الرواد في جميع الميادين والأفكار.فكان لابد لهؤلاء الرواد من عزيمة لا تعرف الكلل ،وإرادة صماء وصبر دؤوب، من أجل توفير الأسباب المادية للنجاح،وشحذ فعاليات المعاونين المحيطين بهم،وتجاوز الانتقادات ،ومحو الشكوك، وإقناع المترددين.وهذا ما يبينه هذا الكتاب بوضوح تام ، وسيصبح قدوة ومنارا لجميع من ينصب نفسه لمثل هذا العمل في المستقبل. ويبقى بعد هذا أشد الأمور صعوبة، وهو استمرار الحماس والتواصل إلى إقناع المجتمع للمشاركة في زرع الأعضاء. فخصوصية المريض الذي زرع فيه عضو من الأعضاء تمكن من أنه لا يعيش فقط لأنه وجد من يعتني به من ممرضات و أطباء ومستشفى،بل لأنه وجد مجتمعا بكامله يريد له استمرارية الحياة،فهو رمز التعاضد والمروءة الإنسانية التي تم التعبير عنها بالمنح والتبرع. ويبقى الحصول على هذه الهبة من الأمور الشديدة الصعوبة،لأن طلبها يتم في ظروف مأساوية،وهي أصعب الخطوات في هذا السبيل ، ولابد من تطور كبير عميق يتم في أذهان الناس وعقليتهم عن طريق الإعلام الواضح والمستمر. ليس من شك في أن فريق البروفسور المعزوزي سيصل إلى غايته ، وسوف يواصل مسيرته ونجاح ،لأنه في عمليه يماثل قول الجنرال لكلرك "اعتقاد وإرادة واستمرار"