قارئة الفنجان
قارئة الفنجان بقلم نذير حنافي العلي ... إنّ الثنائيّات فكرةٌ مربكة ومتداخلة بشكلٍ معقّد. بهذا التصوّر تعيش شخصيّات الرواية في عالم الثنائيّات ومنها عالم الحبّ. فهل الأنثى والذكر يكملان بعضُهما بعضاًَ من خلال الحبّ أم إنّهما يعيشان صراعاً داخلياً كل بحسب قناعاته؟ وهل الحبّ خالدٌ، وماذا يعني أن يقال: أحبّك إلى الأبد؟ ذات ليلة ماتت آنة. هكذا تلقّى جاد الرسّام السوري خبر وفاة حبيبته، وذهب إلى سريره دون أن يكترث بموتها. مع ذلك ظلّ يتذكّر لحظاته معها وهو يحاول رسم لوحة تخليداً لذكرى آنة، التي وقبل وفاتها كانت تتنازع مع جاد في علاقتها معه كي تحظى باعتراف الحبّ. ما هو هذا الاعتراف، وكيف يبرهن على الحبّ؟ إنّ هذا الصراع بين ثنائية الأنثى والرجل يبدو جدلاً لانهائياً منذ قصّة الخلق. فماذا نعرف عن آدم وحوّاء أكثر مما جاء في الروايات الدينيّة؟ أو كما في لوحة تمارا دي ليمبيكا والمسماة «آدم وحواء» واللذين لا ندري عنهما أكثر من حركةٍ شبقيّة يقومان بها وهما مرسومان عاريين في لوحة! يتداخل الفنّ مع السياسية والدين. إنّ فكرة الأبد ليست فكرةً مقتصرةً على الحبّ فقط، بل هناك كذلك عالم الأرواح الأبديّ وعالم الأنظمة الأبديّة. وإنّ حياة كلّ من آنة وجاد متعلّقة بتاريخ وطنهما منذ أن ولدا في ثمانينيّات القرن الماضي. وفي برلين يلتقيان ليكون الحبّ مواساةً. هكذا اعتقدا إذن، فهل كان ذلك صحيحاً؟ وأيّهما كان الضوء أو الظلّ في الرواية، آنة أم جاد؟ وماذا يفعل الفنّ في مثل هكذا أوقاتٍ عصيبةٍ يفقد فيها المرء إيمانه بما يعتقد بأنّها ثوابت؟