هوامش على دفتر الثقافة
هوامش على دفتر الثقافة بقلم عزمي عبد الوهاب ... هل يحتاج فعل الكتابة إلى طقوس؟ إن الطقوس تعني العادات الغريبة، التي يمارسها الكاتب، قبل وأثناء الكتابة، وهي تمثل عاداتٍ لا يستطيع الكاتب الاستغناء عنها، لأنها تغدو فعلًا لا يتجزأ من عملية الكتابة، وهي لا تخلو من طرافة، وتكشف لنا جزءًا غامضًا في شخصيته، وقد يكون الأمر مرتبطًا بإيحاءات نفسية، توهم الكاتب بأنه لا يستطيع الكتابة إلا في هذه الظروف. نستطيع أن نرى في بعض هذه الطقوس "تفاهات يومية"، فكلها طقوس تبدو خارجة عن فعل الكتابة، ولا معنى لها، ومع ذلك يسميها البعض "هوامش الكتابة وعتباتها". يقدم المؤلف عرضًا شديد الرقة والعذوبة لمصطلحات أدبية، يستقصي وجودها في الفكر والأدب والفنون والثقافة؛ نازعًا عنها ما قد يعلق بها من جمود أكاديمي أو غموض فلسفي، مُبحرًا في ريح عاصف وأمواج متتابعة تلطم عقولنا بلا هوادة، حتى ليلهث القارئ من كم المعلومات التي تتدفق بلا انقطاع؛ فمن المشي إلى الأوبئة مرورا بالرعب أو التسامح والروايات البوليسية وطقوس الكتابة والفلسفة والظل والحواس، ويتجول بالقارئ في مدن الروائيين حينا ومدن الشعراء حينا آخر، في تطواف لا يتوقف، فهو كتاب دائري، ما إن ينتهي القارئ من غلق دفتيه، حتى يفتحهما مرة أخرى؛ في بداية متجددة لاستعادة نشوة التعرف على ما هو غامض في ظهوره وما هو ساطع في خفائه من تعبيراتٍ ومفاهيم.