مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة
مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة بقلم طة باقر ... ن سعة المادة التي تجمعت لدي عن حضارة وادي الرافدين استلزمت توزيع هذه المادة في جزأين، خصصت الجزء الأول منهما، وهو الذي أقدمه للقُراء الآن، لتأريخ العراق القديم منذ أبعد عصور ما قبل التأريخ إلى نهاية العصر الساساني أي بداية الفتح العربي الإسلامي، موجزاً فيه عهود هذا التأريخ المتطاول في القدم، وخلاصة الأحداث السياسية والحضارية والسلالات والدول التي حكمت فيها وما صاحب ذلك من تغييرات اقتصادية واجتماعية وفنية، بإيجاز الخصائص الحضارية والثقافية لكل دور من أدواره التأريخية. أما القسم الثاني، فقد خصصته للأوجه والمقومات الحضارية المختلفة من ديانة ومعتقدات، وشرائع وآداب، ومعارف وعلوم، ونظم ومؤسسات اجتماعية وسياسية واقتصادية. وثانياً استتبع عن هذا التقسيم أني غيّرت طريقة عرض المادة التي اتبعتها في كتابي القديم، الذي كنت قسمت الجزء الأول منه الخاص بحضارة وادي الرافدين أما الجزء الثاني فقد تناول حضارات الشرق القديم إلى قسمين: تناول القسم الأول منهما إيجاز الأدوار التأريخية من الناحية السياسية، وخصص القسم الثاني للأوجه الحضارية المختلفة. ومع أن هذا التقسيم لا يزال متبعاً في كتابي الجديد، بيد أن ما ذكرته من ازدياد مادة الكتاب وحجمه من جهة، ومتطلبات المنهج التأريخي الجديد الذي اتبعته في طريقة العرض، كل ذلك جعلني أوجز في الجزء الأول من كتابي الجديد المخصص للأدوار السياسية الخصائص والميزات الحضارية العامة في نهاية كل عصر من العصور التأريخية، مرجئاً التفصيل والإسهاب إلى الجزء الثاني الذي سيتناول المواضيع الحضارية كلاّ على انفراد، ويتتبع كل موضوع حضاري منها وتطوره عبر الأدوار التأريخية المختلفة في تأريخ حضارة وادي الرافدين