مصور داموس
مصور داموس بقلم أحمد الصاوي ... همَّ يفتحُ كفنَ الرِّمال من الرأس ليكمل تمثيليَّته حتى يمحي الفضول عن كل من جاءوا، رفع بصره للجانب الأيمن المظلم من القبر، يترحم على أبيه ويتمتم في صدره أن: "رحمك الله يا أبي قاسيت وتعذبت في دنيا لم ترحم"، وفجأة سمع فحيحًا يُجري الرعب في جسده مجرى الدَّم، يزداد مع كل خفقة من قلبه، وإذا بالرمال من خلفه تهتز وتتحرك وتسلك السُّبل من تحته إلى أن تسيل ذرّاتها أمامه كقطرات الماء، وتتكاتف، وتتلاحم، وتتصاعد فوق بعضها البعض إلى أن شكّلت كيانًا في حجم «سالم» بلا ملامح أو وجه. شعر بهذا الكيان ينظر إليه مباشرة في عينيه، ظل يجاهد أن يصرخ أو يتحرك فلا يقدر على هذا أو ذاك، فإذا بالكيان له صوتٌ، نبراته محفورةٌ في روح سالم: هاتكشف المستور يا سالم، هاتكشف المستور يا ابني، وعينك نفيسة، من غيرها مش هاتشوف!