قطن أسود
قطن أسود بقلم محمد مجدلاوي ... لم يكن الشتاء اعتياديًا في سماء الباقورة، الفضاء هنا مختلف تمامًا عن أي فضاء آخر، الشمال يتبدى للناظر كأنه نهاية أفق الكون. الغيم يتحدب في الأفق، يلامس الجليل من جهة والطور من الجهة المقابلة، وكل شيء في هذا الطقس يفقد ظله، ولا يتبقى غير ظل الغيميفرض حضوره على كل الحقول ويحيل نهارها إلى عتم كثيف. عمران وحده، ولا شيء حوله غير شجر تعبث به الريح، فتنتزع أوراقه الخريفية، ولا صوت يسمعه غير صفير الريح، ينهر الغيم فيركض مستكينًا أمامه، ليزدحم في فضاء عميق يمتد من أفق الباقورة حتى أعالي الجليل، وهو يحدق في الأفق فلا يرى إلى عتمة تسد منافذ الضوء، وتهيئ المكان لمطر تنتظره كل الكائنات بشغف.