قبل الرحيل - من وحي النساء
قبل الرحيل - من وحي النساء بقلم ناهد فران ... الشاعرة اللبنانية ناهد فران اقتحمت في ديوانها الأول "من وحي النساء" عالم المرأة الإنسان لتعبرعن معاناة عمرها مئات السنوات حيث أهدرت حقوقها كحضور اجتماعي فاعل وأهملت كعقل مفكرومنتج .وفي مجموعتها الشعرية الثانية "قبل الرحيل" التي بدأتها بالوقفة الاستهلالية :"أعود لأخط حكايا النساء… نبض مشاعرهن آلامهن وأفراحهن … لأعبرعن الأحلام التي بعثرتها الليالي والأماني التي توارت عنوة في نفوسِهنّ وبخجلٍ اختبأت خلف قناع القوة في انتظار من يشعر بها…من يرى أعماقها…من يلمس ضعفها ويناديها: أنا هنا لأجلك…حطمي قيدك وجدار صمتك…أصرخي وتناسي جرحك… أعود لأقدم لكم وحي النساء… علَّ الكلمة تشفي غليل القلوب…علَّ الإحساس يصل…بهن ولأجلهن". عادت لتوحّد من جديد بين الذات الشاعرة وبنات جنسها ثم ما تلبث أن تمتد بقصائدها ألى فضاءات أخرى يحضر فيها الرجل، والأم، والولد، والبنت والوطن وفي القصيدة المعنونة "أكتب عنهن" تقول: اكتبُ عنهنَ.. أخط كلّ ليلة قصصهنَ.. حكايا العاشقاتِ.. عن الأمل والألم والدمع.. وما مرت به مشاعرهن.. وضجت به صدورهن.. من أحزانٍ وآهاتٍ.. وأقفُ لأكتب عنك.. فتختبىء خلف الحياء العباراتُ.. عصيٌ على اللغة حُبك.. أكبرَ من كلِّ القصائد.. جميلٌ وجهك وهو يبسم.. عازفاً نبض القلب.. مراقصاً السطورَ الفارغة.. عابثاً بصمتِ الصفحات.. ساخراً من بياضها الناصع.. يتحدى القلم وهو العالمُ.. أنني أمامك قد هزمت.. وإليك أمري أسلمت.. ودفاتري…وأشعاري.. وكل الكلمات. وفي آخر قصيدةً لها نجد الخاتمة التي تحمل العنوان ذاته "قبل الرحيل" لتبين لنا الشاعرة بأن المرأة دائمة العطاء الإنساني في حياتها وبعد مماتها مظهرةً حب المرأة في إسعاد الآخر عن طريق وهب أعضائها لمن يحتاج اذ تقول : "… أريدُ لقلبي أن يحيا.. أن ينبضَ في صدر أحدهم.. أن يُحب ويعشق.. وعن غرامه تُنسج الحكايات.. أريدُ لعينيّ أن ترى.. أن تُنير درب أحدهم.. أن تحول بينه وبين الظلام.. وتلغي الحدود والمسافات.. فأنا من هناك.. من العالم البعيد.. أسمعُ الصوت يناديني.. يهمسُ لي : كوني.. وبجاذبيةٍ حاسمةٍ.. يشدّني ويخبرني: فليكن زمن العهود.. ليستمر بعد الوداع الوجود.. فلنُعلنه زمن الهبات.. قبل انتهاء الرحلة.. قبل الغياب.. قبل السبات.. وقبل الرحيل". إن الشاعرة هنا تنطلق من الداخل الذات، والغاية مخاطبة متلق متحفز بوعي لقراءة نص مغاير، محدث الصيغة، جديد التآلف بين عناصره ولغته وتراكيبه، التي بدت مرصوفة بعناية وحرفية خاصة، وحس فني عميق، وامتلاك بين للعناصر الشعرية الحديثة .لقد أخرجت الشاعرة ناهد فران المرأة من دائرة الجنس والمتعة التاريخية لمجتمعاتنا وصعدت بها إلى الحضور الاجتماعي الفاعل لتقول للجميع أن المرأة عالم متكامل من الأحاسيس والمشاعر والفكر والعطاء. يضمّ الكتاب ماية وثلاثون قصيدة في الشعر العربي الحديث جاءت تحت العناوين التالية :"إلى أمي"، "أنت … يا نصف هذا الكون"، "أكتب عنهن"، "دنيا من الألم"، "لو يعلم"، "امراة عفوية"، "الحب"، "علمتني عيناك"، "امراة عاشقة"، "ان كنت كذلك"، "ماذا تفعل بي؟"(…) وقصائد أخرى..
