تحت أنظار غربية

(0)
(0)
تقييم الكتاب
0.0/5 0
نبذة عن الكتاب

تحت أنظار غربية بقلم جوزيف كونراد ... تخيل نفسك طالب فلسفة في السنة الثالثة بجامعة سانت بطرسبرج معقل النشاط الثوري الروسي في عام 1910 .. أنت طالب مجتهد جدا ومجد ، مكافح على نحو استثنائي ، غامض وغريب الأطوار .. أنت لا تعرف أباً ولا أماً . مقطوع الأوصال إلا من الإنتماء لروسيا وحدها . بدافع من غموضك المتفرد يُعتقد فيك ميلا ثوريا مكبوتا . لكن على العكس من ذلك تماما أنت ليس لديك أدنى إهتمام باي من القضايا الكبرى . ليس لديك موقف محدد واضح من أي شئ اللهم إلا من مثابرة واصرار على النجاح من ناحية . ومن ناحية أخرى تقدريك وإمتنانك العميق للأمير ك . كفيلك الذي يرعاك في دراستك .. تطلق عيه لقب "هو ".لنفترض الأن أن إسمك هو رازاموف . زميلك هالدين .. فيكتور هالدين ، طالب ثوري يثق فيك ثقة عمياء على نحو غامض وغريب . لا تربطك به صلة حقيقة يمكن الاستناد عليها لنمنح علاقته بك لقب صداقة . وعلى الرغم من ذلك أنت بالنسبة له محل ثقة .هالدين بالاضافة لشخص أخر يقوم بعملية اغتيال لوزير دولة " مجرم ووحشي " السيد دو بـ . لكن القنابل المستخدمة تودي بحياة أجير للوزير والقاتل الأول المرافق لهادلين وعدد من المارة . وفي مساء تلك الليلة والتي من المفترض أنها تعني لك الكثير لأن اليوم التالي سيشهد اختبار ا لك في الجامعة لطالما تحمست له .. تدخل غرفتك لتجد فيكتور هالدين هنالك ينتظرك . ينظرك أنت في غرفتك دونا عن جميع الروس . ويصارحك بكل قحة بالحقيقة التي صعقتك . ويطلب منك أن تساعده على الهرب . أن تذهب لتجد زيمانتش الذي سيتم له عملية الهروب الكبير . والأن عزيزي رازاموف . مالذي يتوجب عليك أن تفعله ؟ هذا هو موقف رازاموف المعقد والغريب الذي تدور حوله رواية جوزيف كونراد " تحت عيون غربية " . والتي تبدو في رأيي واحدة من أعظم الروايات على مر العصور . ومشكلتي الوحيدة مع هذه الرواية هي أنني لا استطع أن أكتب عنها مراجعة ليس لفرط عظمتها فحسب بل لأنها تحتاج دراسة مطولة لابراز مدى العظمة التي تتضمنها الرواية. لذلك سأدع كونراد نفسه يفعل ما إستعصى علي لعدة ليال . يقول كونراد في مقدمة الرواية أنها : 1- ليست محاولة اتقديم الحالة السياسية لروسيا بل لسيكولوجينها بالذات . والتعبير على نحو متخيل عن الحقيقة العامة التي تكمن وراء أحداثها . 2- حين شرع كونراد في كتابة روايته ، كانت لديه فكرة جلية عن القسم الأول فحسب . الشخصيات المحددة تماما هالدين رازاموف والمستشار ميكولين .. ولم تتضح له القصة تماما إلا بعد القسم الأول . لذلك يرى كونراد ومن الجيد أنه يرى ذلك أنه ليس ثمة ما يدفع لتقديم الرواية بشرح سير الحدث. إذ أنه فرض نفسه عليه كمسألة شعور أكثر منها مسألة فكر . 3- يشير كونراد إلى الجهد الذي بذله في سبيل التجرد من أجل الوصول إلى مرد أي عمل قصصي " الحقيقة " ولذلك يرى أن الحقيقة وحدها هي سبب اذدهار الرواية في روسيا عن انجلترا . 4- لم تكن شخصيات الرواية نتاج تجربة خاصة بل معرفة عامة بأحوال روسيا .. الأخلاق والعاطفة ، المزاج الروسي ، اليأس الأحمق الذي إستفزه الإستبداد الأحمق . فهو يعرض لمظهر وصفة ومصير الأفراد تحت أنظار غربية لمعلم لغات عجوز . 5- يدافع كونراد عن لهجته الحيادية ولهجة معلمه العجوز ونظرته الغربية بالتالي فيؤكد التعاطف مع جميع أبطال العمل . فرازموف لديه طموحات جد معقولة . وهو يتمتع بضمير عادي . وكونه لا يعرف أبا ولا أما يجعله يشعر بنفسه أكثر من غيره على أنه روسي أو هو لا شيئ .فهو نتاج العبثية الدموية للجرائم . والتضحيات المتأججة في تلك الكومة الفوضوية التي تحيط به وتحطمه . لا وحوش في هذه الرواية . أما بيتر ايفانوفيتش والمدام دو سـ فعبارة عن لعبة مشروعة . قردان من قرود الغابة البشرية . حتى نيكتا نفسه فلم يكن سوى الزهرة الكاملة للبرية الارهابية . وما أزعج كونراد فيه لم يكن فظاعته بل إبتذاله 6- أشد الأفكار إثارة لرعب كونراد أن كل هؤلاء الناس ليسوا سوى نتاج العادي لا الإستثنائي . " شراسة وغباء نظام الحكم الفردي الذي يرفض كل مشروعية ويؤسس نفسه على الفوضوية الأخلاقية الكاملة ، يثير الجواب الغبي الذي لا يقل وحشية . جواب الثورية الطوباوية المحضة التيتقوم أولا بالتدمير بأي وسيلة . 7- أهم مايراه كونراد هو : هؤلاء لا يستطيعون رؤية أن كل ما يمكنهم إنجازه هو تغيير الأسماء . فالعالم يواجه اليوم وكل يوم والله حقيقة القول : " النمر لا يستطيع تغيير جلده المقلم . كما أن الفهد لا يستطيع تغير جلده المرقط . *** يقسم كونراد الرواية إلى أربع أجزاء ، كل جزء ينقسم إلى أربع أقسام . تدور أحداثها في سانت بطرسبرج ، وجينيف .. حيث يوجد الراوي وهو معلم لغات عجوز علاقته بالأحداث جائت عبر صداقته مع الأنسة هالدين أخت فيكتور هالدين . يتمتع هذا الراوي بحس مرهف وملكة تحليلية عالية . ويستطيع أن يقترب من مجتمع الثوار الروس في جينيف لما لأخت فيكتور هالدين من مكانة بينهم ، وهو على ذلك محايد بالفعل . إن المعلم العجوز يتمتع بعيون كونراد نفسه . تتلخص متعة قراءة أفكاره لا في الأفكار نفسها بل في إنتباهه للتفاصيل الدقيقة التي لا يكتب عنها أحد. وسرده لها بحبكة دقيقة نسجها بجهد جهيد . وهو هنا يتماس مع دوستيفسكي ــ والذي شاع عن كونراد كرهه له ـ في أن هذه الرواية تدور في بيئة روسية غير كاملة .. منقوصة من شيئ ما .. وضوح ربما .. غياب الإيمان ووجوده في نفس الوقت .. البعد عن مكز العالم والتواجد في قلب الحدث . يخلق هذا رؤية كاملة عن عالم منقوص. ان وضع الحدث الروائي تحت عيون غربية يؤدي في النهاية إلى وضع حدود غاصلة بين عالمين مختلفين . وبالتالي تعقد مقارنة بين الروسي والغربي . إدراك هذا الإختلاف والحد الفاصل بين هنا وهناك وضع البطل رازموف نهبا ليأس شخصي غرق فيه حتى مات . يأس من أي أمل في التغيير . حتى وصل إلى لحظة تعري كاشف فيها الحقيقة .. الحقيقة التي من أجلها كتب كونراد الرواية .

غير متاح للتحميل، حفاظًا على حقوق دار النشر.
أضف مراجعتك
أبلغني عند توفره للقراءة

نبذة عن الكاتب

جوزيف كونراد جوزيف كونراد

هو أديب إنجليزي بولندي الأصل ولد في ما يعرف بأوكرانيا البولندية عام 1857 لوالد أديب مغمور انتقل مع والده إلى بولندا حيث توفى والده ومنها انتقل إلى فرنسا عام 1874 حيث عمل بالملاحة ثم انتقل إلى إنجلترا واستمر في عمله بالبحر. توفي عام 1924 بنوبة قلبية وترك 13 رواية و 28 قصة قصيرة. أغلب رواياته لها علاقة بالبحر ويرويها بحار عجوز اسمه مارلو من رواياته "قلب الظلام" "العميل السري" و"النصر" و"تحت عين غريبة " و"لورد جيم".

أعمال أخرى للكاتب

كتب مشابهة

مراجعات العملاء

0.0/5

0.0 out of 5 stars

من 0 مراجعات

تقييمات ومراجعات

5 نجوم

0 %

4 نجوم

0 %

3 نجوم

0 %

2 نجوم

0 %

1 نجوم

0 %

قيِّم الكتاب

شاركنا رأيك وتقييمك للكتاب.

سجل دخولك لتتمكن من إضافة مراجعتك.

أحدث المراجعات

لا توجد مراجعات بعد. كن صاحب أول مراجعة واكتب مراجعتك الآن.

أضف اقتباسًا

Recent Quotes

لا توجد اقتباسات بعد. كن صاحب أول اقتباس وأضف اقتباسك الآن.

القرّاء

لا يوجد قراء بعد