بين - بين
بين - بين بقلم عبد السلام بنعبد العالي ... قدمت إحدى القناتين التلفزيونيتين في المغرب برنامجا حول داء " فقدان المناعة المكتسبة "، وحرصا من الساهرين مع البرنامج على الافادة و الاستفادة كان التقديم و الأسئلة و الأجوبة والحوار والغناء و الاستجواب باللغتين العربية و الفرنسية .ولا يهمنا هنا محتوى البرنامج ومدى تفوقه في الاحاطة بالمسألة المطروحة ، وإنما المظهر الذي ظهرت به اللغتان، والانطباع الذي خلفتاه لدى المشاهد . كان البرنامج صورة مصغرة عن "النضال الطبقي " الذي تعيشه اللغتان عندما في المغرب . عندما كان الأمر يتعلق بالفعالية و الدقة و الايجازوالابتكار والشعور بالمسؤولية كان المتحدثون يستعملون الفرنسية أداة للتعبير . اما عندما كان المجال للدردشة و"الخطاب الايديولوجي" والتكهنات والأخلاقيات،فان المجال كان يترك للغة الضاد .لايعني هذا ان المتحدثين انفسهم كانوا ينقسمون قسمين ، فئة تتكلم لغة الحداثة وأخرى لغة التقليد. كان الأمر يبدو كما لوان اللغة نفسها هي التي تتصف بصفة الحداثة لا مستعملها . حتى أن الشخص نفسه يتخذ هيئة عندما يتكلم الفرنسية ونقيضها عندما يتكلم العربية. لدى كل مشاهد بما اقترنت به؟ لماذا كان المتحدث بالفرنسية يجد نفسه مجبرا على احترام "قواعد اللغة" ، لا القواعد النحوية فحسب ، وانما قواعدها كلغة من لغات الحداثة ، أي عدم الاطناب واحترام الوقت والاذن والعين؟ فهل يعود الأمر الى المتحدثين انفسهم. الذين تشبعوا بفعل عوامل تاريخية معروفة ، بأحكام مسبقة عن لغة المستعمر؟ لكن،لو كان الأمر كذلك لا نقسم المتحدثون انفسهم الى حداثيين وتقليديين.والحال أننا كنا نرى المتحدث نفسه يلبس لباسين: لباس الحداثة ان هو تحدث اللغة الفرنسية، ولباس التقليد في الحالة الأخرى . الظاهر أننا،ان اردنا أن نخرج بجواب مقنع حول هذه المسألة، مضطرون ان نبعد هذه لتفسيرات التي تحاول أن تفسر ظاهرة في مثل خطورة الظاهرة اللغوية، باعتماد "تحليلات" اخلاقية وفي أحسن الأحوال ايدولوجية.