بهاء العين - مقاربات في التشكيل العربي

بهاء العين - مقاربات في التشكيل العربي بقلم ابراهيم الحيسن ... يشكل النقد الفني ضفة أخرى للإبداع، يراها البعض موازية للفعل الفني، تبعًا لسياقات اللغة والتناول، ويراها آخرون تتقاطع مع رؤى الفنان تاسيسًا على قناعة بأهمية ما تقدمه من نوافذ تتيح للجميع استعادة الغائب والمتواري، ومن ثمَّ فهم ما تخفَّى في ثنايا التجربة الفنية. ما بين أيدنا كتاب في فقه النقد نراه تأويلًا لتجارب نوعية، مختلفة، ومؤثرة بدرجات متفاوتة، حرص ابراهيم الحَيْسن، على وضعها وفق سياق يجمع الجمالي بالفكري. ومن جانب أساسي، اتصل حرصه بصنع خارطة جغرافية تلتقي فيها الرُّؤى وتتناص في جماليات الفن المعاصر، وهي كثيرة مثلما تحمل من التباين قدرًا مؤثرًا في علاقتها بالمتلقي، بل والناقد أيضًا. ولا غرابة حينئذ أن يبدو بحث إبراهيم الحَيْسن، وهو الفنان الذي يُمارس النقد، بمثابة الخوض في كيمياء الجماليات المعاصرة، وكأنما به يفتش في مادة كل منها على حده، ليكشف عن بعض جوانب تميِّزها في ظلِّ وفرة صورها. الشاهد أن الكيمياء، وبحسب المعنى الدراج، لابُدَّ أن يحيل إلى المتخيَّل بخصوص حالات التفاعل بين جزيئات المادة ومركباتها، وهو بالأساس أمر علمي ينصرف إلى الطبيعي منها وغير الطبيعي، بيد أن كل تفاعل معملي إنما يجري لأجل تغيير يخضعه البحث لمراتب تقديرية، إذ تمتثل نتائجه إلى مرحلة وسيطة بين ما مضى وما سيأتي من تجارب تتبع فرضية علمية. نتحدث إذن عن العلم والمعرفة إذ أننا، ووفق نظرة إبستيمولوجية، ندرك علاقة العلم بالفن، ومساحتها ممتدة على نحو ملحوظ خاصة في بنية الفنون المعاصرة، ذلك أن الكثيرين يتصرفون وفق نظرات نوعية ترتكن إلى حقب ما بعد الحداثة وما بعد الإنساني، من حيث تتواتر فيها تطبيقات مثالية للذكاء الاصطناعي وكافة التقنيات العلمية المتفوقة مثل النانو آرت، والفن الحيوي.