أوراق الكفاف - عن الذات والفن والقناع

أوراق الكفاف - عن الذات والفن والقناع بقلم بنيونس عميروش ... من أجواء الحجر الصحي وتَبِعاته، انبثقت مُجمل محتويات الكتاب كما هي في أصل زمنها، زمن الكَفاف، بما تملكه من رهبة اللحظة وصِدْق نَبْرِها، حيث الكتابة استبطان لما ندركه من مواقف ومشاعر طارئة في حالات الضعف والهوان. إنها الإحساسات والتأملات التي تضع العقل والنفس في بَوْثقة اللّايقين، ما يجعل الكتابة لصيقة بتفكير العقل والعين والنفس معا، ضمن ترقب شقوق الضوء المحفوفة باحتداد هواجس فَيّاضَة على مِحَك الخَلاص. في حين، يتضمن الكتاب مقاربات تسترجع مَسارات ومنجزات عدد من ألمع المبدعين ونقاد الفن الذين رحلوا من العالم في ذِرْوَة سَيَران الفيروس الذي كان سببا في تعجيل نهاية حياة بعضهم. في هذا الفصل النقدي الذي احتضنت معظم مواده، في حينها، مجلة "الدوحة" مشكورة، دأبت على الاستغراق في سِيَرِهم الذاتية ومراجعة إبداعاتهم الموصولة بالفنون البصرية والتشكيلية بما فيها المعمار، وقد صرت أكثر قربا منهم ومن فكرهم وعوالمهم التي يُعَدّ أفول إشْراقها من باب الخسارات الكُبرى. ومن بينهم أصدقاء، كنت على احتكاك دائم بهم منذ عقود (محمد المليحي، حسن المنيعي، محمد أديب السلاوي، الحسين سخون)، ولم أمتلك في غيابهم الكاسِر سوى تقليب الذاكرة واستحضار أعمالهم وكتاباتهم ولحظات التقاطعات المُشْرٍقة التي جمعتني بهم، وبتطلعاتهم الفنية والعلمية التي يصعب تعويضها. مع رحيل كل هؤلاء، يتَضاعف معنى الموت، ويتحول معه مفهوم الفُقدان إلى ضَياع حضاري.